حفلة شواء
حيرني وجود الأعاجم بكثرة وقلة العربان، وكثرة الخدم والأعوان، لكن بمجرد أن رأيت أطباق الطعام نسيت أمرهم وأخذتني رائحة اللحم المجرّد من العظام، فقد كدََسه الشوَّاء حول عصا كالصلبان، ثم رفعها إلى أعلى فرن حيث تنتظرها النيران، وبدأت تدور وشحمها يقطر كعرق رجل لهثان، ولم تتزحزح عيناي من على اللحم تلهبه النيران، فقادني قرمي نحوه ومعدتي وروحي على شفتي بارزتان، فلم آبه بكلام الغلامان ينادياني ويهلِّلان، ماذا تريد سيدي نحن لك خادمان؟، فقلت: اللحم كل اللحمِ أريده بلا عظم ولا شحم، فقالا: أمرك مطاع، وانصرفا هنيهة ليُحضرا طبقا صغيرا به شيء يشبه اللحم، قِطع محروقة لا تُهضم، فقلت: ما هذا طلبتُ، ولا مثله اخترتُ! فقالا: هذا ما يطلبه الجميع وإن لم يعجبك فتعال خذ ما أردت، فإليهم استدرتُ، وقمتُ والشوّاء قصدتُ وقلت: أريد هذا، وللعصا باللحم أشرت، فضحك الشواء والغلمان، فقلت: أتظنونني جننت، أريده كلّه، فإني أطبق نُصْح الطبيب، فقد قال : إن أردت أكل اللحم فكُل ربع شاة أو أكثر مما تصيب...
فقال الشواء: خذها ولكن احذر أن تموت أيّها الغريب.
وقبل أن يكمل كلامه، اللحمَ اقتنصْتُ، وإلى ركن من أركان المحل اتجهتُ، وفيه انزويتُ، وفي طبق كبير الشواءَ وضعتُ، وبلا خبز أو شراب أكلتُ... وأكلْتُ، وكأني بمعركة دخلْتُ، حتى على دابره قضيْت، وحين منه فرغتُ، وقبْلَ أن أشرب قطرة ماء التفتُ، فإذا بالفاكهة تلمعُ، فقلت : هذا بي أنفعُ، فالماء للفائدة أضْيَعُ، وللشهيّة أقطعُ... والفاكهة منها لا أقنع، فهي لتصفية الأمعاء أنجعُ، ولكل الأمراض أدْفعُ، فلا لغيْرها أهرعُ... ومع خيالي، في ألوانها، رحْتُ، فتخيلتُ، أني لها احتضنتُ، فقلت في نفسي: ربع شاة أكلتُ، فهلْ يصيبني ضرر لو أني لبضع سلال من الفاكهة أكملتُ، ومباشرة للغلام ناديتُ.
فجاءني مهرولا فقلت: أحضر سلال الغلال، فقال: أكل هذا ولم تشبع؟
فصرخت: أتحسدني أيها الأصلعُ، اذهب وأحضر كل الفاكهة وإلا إياك سأبلع..
فركض بعيدا ثم عاد ومعه السلال، فيها كل ما لذّ من الغلال، تفاح وموز وبرقرق وبطيخ، وفاكهة لم أعرف لها اسما ولا حال ... وبدأت افتراسها ودار بيني وبنها قتال، وزبائن المحل ينظرون إلي وكأنّهم يشجّعونني على النزال، وأخيرا قضيتُ على كل الفاكهة، ولم أبقِ على غير سعف السلال... ولم أستطع بعدها حراكا ولا ترحال، غير النظر إلى وجوه الزبائن من نساء ورجال...مشاركة وفاء بن يحى wafabenyahia2@gmail.comفبعدما حدث في حفلة الشواء ، لفت انتباهي محلا للكراء ، فظننت أنه يعج بالأوفياء ، لأن جدرانه تعلق أعظم الرؤساء ، لكنني صدمت لأنه يجمع كل البلهاء ، لدرجة أنني حسبت نفسي في مقهى بأستراليا ، حالي حالهم غير مبالين بما يجري في أراضينا ، فالغزو يحيط بأهالينا ، عار عليكم يا قادة العرب فالغرب يحيك لكم فنون الحرب ، مابال عدوكم يهدد وأنت له بالشيشة تتنهد ، واحسرتاه على العراق ... واحسرتاه على صدام ، فالعرب اليوم يعيشون حالة خصام رغم أنهم يحلمون بنفس الكابوس " بوش" في المنام فالويل لنا أما من أحد يجيرنا من هدا العداء وقتل الأبرياء ، حز في نفسي ماآل إليه حال البلاد ، فالبقاء للأقوياء ، قررت تغيير المنكر ولو بالكلام .. فحل علينا البلاء فقول الحق كلفني ليلة حمراء تبا لكم أيها الجبناء ، فالعرس اليوم بالبصرة وكربلاء ، وغدا بتونس والجزاىر الخضراء ... فاستفيقوا من غفلتكم أيها الوهن الأغبياء .
وقبل أن يكمل كلامه، اللحمَ اقتنصْتُ، وإلى ركن من أركان المحل اتجهتُ، وفيه انزويتُ، وفي طبق كبير الشواءَ وضعتُ، وبلا خبز أو شراب أكلتُ... وأكلْتُ، وكأني بمعركة دخلْتُ، حتى على دابره قضيْت، وحين منه فرغتُ، وقبْلَ أن أشرب قطرة ماء التفتُ، فإذا بالفاكهة تلمعُ، فقلت : هذا بي أنفعُ، فالماء للفائدة أضْيَعُ، وللشهيّة أقطعُ... والفاكهة منها لا أقنع، فهي لتصفية الأمعاء أنجعُ، ولكل الأمراض أدْفعُ، فلا لغيْرها أهرعُ... ومع خيالي، في ألوانها، رحْتُ، فتخيلتُ، أني لها احتضنتُ، فقلت في نفسي: ربع شاة أكلتُ، فهلْ يصيبني ضرر لو أني لبضع سلال من الفاكهة أكملتُ، ومباشرة للغلام ناديتُ.
فجاءني مهرولا فقلت: أحضر سلال الغلال، فقال: أكل هذا ولم تشبع؟
فصرخت: أتحسدني أيها الأصلعُ، اذهب وأحضر كل الفاكهة وإلا إياك سأبلع..
فركض بعيدا ثم عاد ومعه السلال، فيها كل ما لذّ من الغلال، تفاح وموز وبرقرق وبطيخ، وفاكهة لم أعرف لها اسما ولا حال ... وبدأت افتراسها ودار بيني وبنها قتال، وزبائن المحل ينظرون إلي وكأنّهم يشجّعونني على النزال، وأخيرا قضيتُ على كل الفاكهة، ولم أبقِ على غير سعف السلال... ولم أستطع بعدها حراكا ولا ترحال، غير النظر إلى وجوه الزبائن من نساء ورجال...
مشاركة وفاء بن يحى wafabenyahia2@gmail.com
فبعدما حدث في حفلة الشواء ، لفت انتباهي محلا للكراء ، فظننت أنه يعج بالأوفياء ، لأن جدرانه تعلق أعظم الرؤساء ، لكنني صدمت لأنه يجمع كل البلهاء ، لدرجة أنني حسبت نفسي في مقهى بأستراليا ، حالي حالهم غير مبالين بما يجري في أراضينا ، فالغزو يحيط بأهالينا ، عار عليكم يا قادة العرب فالغرب يحيك لكم فنون الحرب ، مابال عدوكم يهدد وأنت له بالشيشة تتنهد ، واحسرتاه على العراق ... واحسرتاه على صدام ، فالعرب اليوم يعيشون حالة خصام رغم أنهم يحلمون بنفس الكابوس " بوش" في المنام فالويل لنا أما من أحد يجيرنا من هدا العداء وقتل الأبرياء ، حز في نفسي ماآل إليه حال البلاد ، فالبقاء للأقوياء ، قررت تغيير المنكر ولو بالكلام .. فحل علينا البلاء فقول الحق كلفني ليلة حمراء تبا لكم أيها الجبناء ، فالعرس اليوم بالبصرة وكربلاء ، وغدا بتونس والجزاىر الخضراء ... فاستفيقوا من غفلتكم أيها الوهن الأغبياء .