طفولة في الكهف
لم تتزوج أمي بعد أبي رغم أن ذلك نادر في القبيلة، التي تنص قوانينها على زواج المرأة مباشرة بعد موت أو مقتل زوجها لتواجه القبيلة كثرة الحروب بكثرة المواليد، اتفقت أمي مع جدتي على حيلة فوضعت نقاطا من قطران وأعشاب ملوّنة على وجهها ويديها فاعتبرها الجميع مريضة، وراحوا يتجنبونها، وظل بيتنا في منأى عن الغرباء، أما حياتنا فكانت مرهونة ببعض الماشية مما تركه والدي كما كان صديقه يقدّم لجدتي بعض ما يحصل عليه في إغاراته.. ظللت في القبو لسنوات، تعوّدت على الظلام حتى تمكّنت من الرؤية فيه، كانت جدتي وأمي يتناوبان على خدمتي طيلة سنواتي العشر الأولى، حتى أنني أتعبتهما في أكلي فحاجياتي كثيرة نظرا لضخامة جسمي...
وفي يوم مشؤوم حدث ما لم أتوقعه فقد ماتت جدتي وجاء الجميع إلى البيت من أجل مراسم الإحراق حملوها بعيدا كنت أنظر من فتحة صنعتها في الصخر... بقيت يوما كاملا بلا طعام وأمي غائبة ، عرفت بعدها أنهم اكتشفوا أمر كذبها وأنها ليست مريضة، والقائد كان يريدها لنفسه منذ زمن بعيد، لهذا عاقبوها وربطوها في سارية وسط القبيلة لخرقها القانون في انتظار حكم القائد فيها.. لم أتمكّن من البقاء في القبو وأنا اسمع صراخها خرجت في الليل اتجهت لها كي أفك وثاقها وأردد: أمي أمي.. لكنهم كانوا بالمرصاد عرفت القبيلة بأمري تجمهروا حولي وأمي وأنا أحتضها وأحاول فك قيود الحديد من معصميها، حضر القائد مع بعض زبانيته، الكل كل مسلحا، قال لأمي: " إذن هذا ما كنت تخفينه عنا طيلة هذه السنين، أخبرتني العرافة أن شيئا ما مُقلق في بيتك لكن بسبب ادعائك المرض لم أشأ اقتحامه... هذا ابن الشيطان إنه العقرب"
صرخت أمي بعنف في وجهه: لا علاقة لكم بولدي وهو ابن فانس البطل هو مجد القبيلة...
بل هو ابن الشيطان وهو من ذكرته النبؤة سيقضي علينا جميعا... اقبضوا عليه...
أردت الهرب بعد أن طلبت مني أمي لكن عددهم كان كبيرا وسلاسلهم طويلة، ظلت أمي تصرخ إلى أن قيّدوني بعنف وأوثقوني إلى جانبها.
انتظروا مجيء العرافة... جاءت بثوبها الأسود ...
قالت للقائد: أخبرتك أن أمرا غريبا في بيت هذه الملعونة...
القائد: كُشف الآن.. لكن ما الذي كان يحميه من شرك؟
العرافة: سيوف القدر إنها تطلبه... لكن يجب قتله قبل وصولها إليه .. أحرقوه في بئر الآلهة ولا تسقطوا منه دماء على الأرض كي لا تلحقنا اللعنة...
القائد: وأمه
العرافة: يجب أن لا ترى النور بعد هذه الليلة وتبقى تتعذب إلى أن تموت... انتهى الحكم...
انصرفت العرافة كما حضرت بخطاها الشيطانية...
التفت القائد إلى الجنود وقال : هيا نفذوا الحكم . خذوه إلى البئر وارموه وخلفه النار.
حملت وانا أصرخ بشدة، أكثر من عشرين رجلا كان يقيّدني ويدفعني إلى الحفرة وأنا ابن العاشرة، أمي صرخت بقوة ألم فراقي وعيناها اللتان ذهب نورهما بسبب نار سيف القائد ... كنت ألتفت لها وأراها منهارة على قدميها، آخر ما رأيته منها ابتسامتها تشق صرخاتها وكـنها تقول لي يجب أن تعيش لتنتقم لي... بقيت صورتها في مخيّلتي إلى أن حققت رغبتها...
كهف الحياة
(للتفاعل وإضافة مسارات نصية للقصة اضغط هنا وأرسل الرمز التالي مع الرسالة 02)
وفي يوم مشؤوم حدث ما لم أتوقعه فقد ماتت جدتي وجاء الجميع إلى البيت من أجل مراسم الإحراق حملوها بعيدا كنت أنظر من فتحة صنعتها في الصخر... بقيت يوما كاملا بلا طعام وأمي غائبة ، عرفت بعدها أنهم اكتشفوا أمر كذبها وأنها ليست مريضة، والقائد كان يريدها لنفسه منذ زمن بعيد، لهذا عاقبوها وربطوها في سارية وسط القبيلة لخرقها القانون في انتظار حكم القائد فيها.. لم أتمكّن من البقاء في القبو وأنا اسمع صراخها خرجت في الليل اتجهت لها كي أفك وثاقها وأردد: أمي أمي.. لكنهم كانوا بالمرصاد عرفت القبيلة بأمري تجمهروا حولي وأمي وأنا أحتضها وأحاول فك قيود الحديد من معصميها، حضر القائد مع بعض زبانيته، الكل كل مسلحا، قال لأمي: " إذن هذا ما كنت تخفينه عنا طيلة هذه السنين، أخبرتني العرافة أن شيئا ما مُقلق في بيتك لكن بسبب ادعائك المرض لم أشأ اقتحامه... هذا ابن الشيطان إنه العقرب"
صرخت أمي بعنف في وجهه: لا علاقة لكم بولدي وهو ابن فانس البطل هو مجد القبيلة...
بل هو ابن الشيطان وهو من ذكرته النبؤة سيقضي علينا جميعا... اقبضوا عليه...
أردت الهرب بعد أن طلبت مني أمي لكن عددهم كان كبيرا وسلاسلهم طويلة، ظلت أمي تصرخ إلى أن قيّدوني بعنف وأوثقوني إلى جانبها.
انتظروا مجيء العرافة... جاءت بثوبها الأسود ...
قالت للقائد: أخبرتك أن أمرا غريبا في بيت هذه الملعونة...
القائد: كُشف الآن.. لكن ما الذي كان يحميه من شرك؟
العرافة: سيوف القدر إنها تطلبه... لكن يجب قتله قبل وصولها إليه .. أحرقوه في بئر الآلهة ولا تسقطوا منه دماء على الأرض كي لا تلحقنا اللعنة...
القائد: وأمه
العرافة: يجب أن لا ترى النور بعد هذه الليلة وتبقى تتعذب إلى أن تموت... انتهى الحكم...
انصرفت العرافة كما حضرت بخطاها الشيطانية...
التفت القائد إلى الجنود وقال : هيا نفذوا الحكم . خذوه إلى البئر وارموه وخلفه النار.
حملت وانا أصرخ بشدة، أكثر من عشرين رجلا كان يقيّدني ويدفعني إلى الحفرة وأنا ابن العاشرة، أمي صرخت بقوة ألم فراقي وعيناها اللتان ذهب نورهما بسبب نار سيف القائد ... كنت ألتفت لها وأراها منهارة على قدميها، آخر ما رأيته منها ابتسامتها تشق صرخاتها وكـنها تقول لي يجب أن تعيش لتنتقم لي... بقيت صورتها في مخيّلتي إلى أن حققت رغبتها...
كهف الحياة