العقرب -الممالك المنسية- مملكة المشوهين/Kingdom of Mutants

مملكة المشوهين

Kingdom of Mutants

 

الطريق نحو مدينة المشوهين والمسوخ وعرة والشعاب لا تنتهي والعناكب العملاقة في كل مكان حتى نومهم كان بالتناوب، فالشيطان وأتباه عرفوا بقدوم المنقذ ولولا قسم الملك الأبيض لهاجموه لكن لا يستطيعوا بل يتركوا كل شرير لوحده ويكتفوا بوضع العراقيل أمامهم.. كان على العقرب الوصول إلى نبع الشفاء هذا ما قالته السلحفاة كي يعقم نفسه والمقاتلين قبل الدخول إلى المدينة، فالوباء سيصيبهم ويتشوّهوا كالبقية، لكن النبع يقع على سفح جبل الدموع وهي منطقة غير خاضعة لأحد بها مخلوقات أخرى كانت قبل مجيء الملك الأبيض ذاته وأكثرهم يعتبرونه غازيا إضافة إلى أنهم يرون فيه سببا لدخول الشيطان عالمهم، لهذا فمهمة العقرب ومن معه صعبة عليهم العثور على النبع بسرعة وأن لا يصطدموا بهم لأنهم ليسوا أشرارا بل مدافعون عن أرضهم... ولا يعلم أحد مدى قوّتهم...

كيف يصلون إلى جبل الدموع فهو يقع على الضفة الأخرى للبحيرة العظيمة، لا سفن توصلهم، وهنا برز السلحفاة المسنة من مملكة الغابة والحيوان ومعها عدد من التماسيح، حيث جاؤوا البحيرة عبر أنهار تصب فيها، عرضوا على العقرب ومن معه أن يقلّوهم إلى الضفة الأخرى، أراد العقرب الذهاب بمفرده لكن الفرسان رفضوا ذلك وأصرّوا على المجيء معه، انطلقوا جميعا على ظهر السلحفاة وعدد من التماسيح إلى أن وصلوا مشارف شاطئ البحيرة حيث أخبرهم السلحفاة أنه لا يستطيع تجاوز هذه الحدود وسينتظرهم، وعليهم السباحة للوصول، كما حذّر العقرب مما قد يلاقيه قبل جبل الدموع فهي أرض محايدة ولا أحد يعرف ما يوجد بها، حتى المنقذ الوحيد الذي دخل وخرج منها لم يخبر أحدا عما رآه، ومنقذ آخر دخل ولم يخرج، أما ثالث ففضل عدم الدخول ليموت في مملكة المشوهين متأثرا بالوباء...

وصل العقرب ومن معه إلى الشاطئ، كان الهدوء يعم المكان، خطوات فقط وبدأت الأرض تهتز تحت أقدامهم، ثبت الجميع مكانه، علم العقرب أن هذه الأرض ومن فيها لا يرحّبون بهم، طلب من الفرسان الاستمرار في السير نحو الجبل ولْيجعلوا هدفهم أمام أعينهم ولا يكترثوا بما يرون، لحظات وتغيّرت الطبيعة من حولهم، حيث اختفت البحيرة من ورائهم، ووجدوا أنفسهم في سهل فسيح ممتد على مد البصر، والجبل صار بعيدا جدا، قال النمر الأسود علينا المضي بسرعة يبدو أن هذه الأرض تخدع أبصارنا، أمسك الجميع ببعضهم واستمروا بالسير صوب الجبل، كانت الأجواء تتبدّل من حولهم كلما ساروا بضع خطوات، فأحيانا ثلوج ثم أمطار ثم حرارة شديدة ورمال، كل الفصول والأراضي تمر بهم، كأن الزمن والمكان اجتمعا في مكان واحد، لم يستطيعوا المضي بعيدا فكلما تقدّموا ابتعد الجبل أكثر، مضت ساعات وكأنها لحظات، عرف العقرب أنه يواجه خصما مختلفا، فحاول أن يتعامل معه شكل مختلف، عرف أن الأرض التي يسيرون عليها حية كانت تتجاوب مع قدميه، طلب من أصدقائه التوقف عن الحركة، فاستغربوا لأمره، ثم مضى وحده حيث علم أنه المطلوب للقيام بالمهمة، سار فتوقّفت الأرض عن الحركة واستقرت الفصول في الشتاء بقي الفرسان في مكانهم، ينظرون للعقرب يختفي في الأفق، إلى أن غاب عن الأنظار قلقوا عليه لكن لا خيار أمامهم فهذه الأرض غير تابعة للشيطان، ويبدو أنها تتنفس ويمكنها سحقهم جميعا، لهذا قرروا احترام رأي العقرب في أنه من عليه التجاوب والحصول على الماء إن استطاع...

وصل العقرب إلى أرض مرتفعة تعلوها شجرة عملاقة، كان التراب تحت قدميه يهتز كأنه يتنفّس ويسمع صوت صدى يقول: لما أتيت نحن لا نريدك.

وهو يردّد بثبات: لكنني أريد المساعدة عالمي وأصدقائي في خطر...

ظل يردد ذلك إلى أن وصل الشجرة عند وصوله اختفى كل شيء من حوله، بقي هو والشجرة فقط في فضاء مظلم تماما، حاول الابتعاد لكن قدماه تسمرا في الأرض.. تكلّمت الشجرة.

-       ماذا تريد يا ابن باراغون العظيم؟

-       أنا لست ابنه أنا ابن فانس

-       لا يهمني ما تعتقد، ولا يهمني عالمكم.. ارحل

-       أريد المساعدة

-       نحن لا نساعد أحدا ويكفي ما فعله الملك الأبيض بجلبه الخراب لعالمنا

-       جئت لأصحح

-       فات الأوان القدر يحكم

-       أريد أن أحاول عشت على الأمل

-       لا أمل لك

-       سأحاول نحن البشر نحاول إنه سر البقاء

-       البقاء ..

-       نعم من أجل الخير وقهر الشر

-       لا معنى للخير والشر عندنا الملك الأبيض والشيطان سيان كلاهما بلا معنى

-       لكن عالمكم يتهاوى أيضا قد تنفذ الموارد وتهلكون جميعا..

-       هههه أنت واهم أيها المنقذ الأخير، نحن لا نفنى فقط من دخل الكهف من أتباع الشيطان أو الملك الأبيض، ونحن ننتظر ذلك بفارغ الصبر، ننتظر ان تنفذ الموارد ويهلكوا جميعا...

-       لكنه سيخرج لعالمي أيضا ويُهلكه..

-       لا دخل لنا بعالمك ...

-       ألا تحب الخير

-       أنا لا أعرف معنى الخير والشر النور والظلمة والفرح والألم كلها عندي متساوية لهذا لن أتعاطف معك، عليك الرحيل من أرضي..

-       أريد فقط جرعة ماء، الأمر لن ينقص منك شيئا..

-       إن أعطيتك الماء استطعت ومن معك المضي وقد يطول فناؤكم وهو ما يؤخر خروجكم من أرضنا إلى الأبد..

-       بالعكس لو قتلنا سريعا سيطول الأمر لأن الشيطان سيتخلّص من آخر منقذ ويبقى ربما لآلاف السنين مع أتباعه أو ربما يخرج لعالمي ويُحضر مواردا ويبقى هنا...

-       ههه أنت مراوغ وقلبك قوي ويحمل الكثير... لكن لا يعنيني أن يبقى الشيطان لبضع آلاف السنين الأخرى هو لا يتدخل في هذه الحدود ويطحن الفانين منكم فقط..

-       الأصل هو الخير ولا أظنك نابع إلا من الخير، أشعر بذلك لا يمكن أن يكون الشر بداخلك ...

-       أنت صادق الأصل هو الخير لكنه الخير الذي بمفهومي لا بمفهومكم أنتم البشر، أغلبكم يعتبر الخير تابع للمصلحة، فالسلامة من الأذى والموت عندكم خيرا، لكنها قد تكون عكس ذلك، مفاهيم الخير والشر بيننا مختلفة.. كلامك فيه الصفاء لهذا لم أقض عليكم اول نزولكم، منذ زمن لم أصادف من يشبهك، زمن بعيد حيث جاء من يشبهك لكنه قرر البقاء..

-       أتقصد المنقذ الثالث.

-       نعم

-       ظننته هلك هنا..

-       لا هو فضّل البقاء في عالمي عرضت عليه ما سأعرضه عليك..

-       ماذا تقصد؟.

-       اسمع أيها العقرب أنت المنقذ الأخير لعالم متهالك سواء في أرضي أو عالمك، لم لا تتركه وشأنه، ابقى بأرضي ودعه ينتهي بالشكل المقدّر له، أنت لن تمنع الشر بمفهومك ولن تنصر الخير هي مجرّد تبادل للأدوار، لا معنى لها في الأبدية التي ستحظى بها عندي.. أنظر هناك..

(منظر خلاب لرجل أمام بحيرة معه الحوريات والجميع مبتسم)..

-       من هذا؟

-       إنه المنقذ الثالث فظّل البقاء هنا وهو في أفضل حال، لهذا دعك منهم وانظم إليه..

-       غير ممكن لن أتخلى عن أصدقائي ولا أرضي، ويجب أن أمضي في سبيلي للقضاء على الشيطان وإن رفضت تزويدي بالماء سأجد طريقة للتغلب على الوباء... ولن أسرق الماء كما فعل أحد المنقذين قبلي..

-       هههه أتعتقد أنه سرق الماء، منقذ غبي، جاء يريد الماء وتخفى عن الأنظار كان شجاعا وماكرا، يحمل قوى ومعدات كثيرة، أوهمته بأنه نبع الدموع فأخذ معه الماء، وكان الماء ماء السكوت فلم يستطع بعدها الكلام ولم ينفعه ذلك أيضا رغم نجاته من الوباء لاعتقاده أنه محصّن أحيانا يُنجي الإنسان ما يؤمن به ولو كان باطلا .. لكنه هلك في مملكة أخرى... لا أحد يتجاوزني في أرضي..

-       لا أريد أن أتجاوزك بل جئت اطلب منك معروفا، لو كنت شريرا لقاتلتك حتى الممات لكنك خيّر وهو ما يمنعني عن مقاتلتك والأرض لك..

-       ههه تعجبني شجاعتك وإخلاصك لقضيتك... سأمنحك ما تريد من الماء لكن بشرط ....

(ترى ما هو شرط الشجرة الناطقة وهل يتمكّل العقرب من تحقيقه)..

مضت ساعات على غياب العقرب واصدقاؤه الفرسان في انتظاره لم يستطيعوا التحرّك من مكانهم فالأرض تتحرّك معهم، لهذا ظلوا في ذات المكان متحلّقين على النار، فجأة أضاءت لهم السماء علموا أن أمرا حدث، واستبشروا خيرا، لحظات وظهر في الأفق العقرب يحمل معه الماء في قربة كبيرة لفها على ظهره... كانت سعادتهم غامرة...
(للتفاعل وإضافة مسارات نصية للقصة اضغط هنا وأرسل الرمز التالي مع الرسالة 21)

استغرب الجميع في قدرة العقرب على النجاة، لم يخبرهم بالقصة فقط قال: أنجزت المهمة بسلام، علينا المضي فالوقت ينفذ، لم يتجرأ أحد على سؤاله، شرب الجميع من الماء وحملوا بعضه احتياطا، أقلّهم السلحفاة والتماسيح مرة أخرى إلى الضفة المقابلة، لم يجب العقرب عن أسئلة السلحفاة عن أرض جبل الدموع إلا بجمل قصيرة، عن عالم مختلف بقوانين أخرى، علم السلحفاة أن العقرب لا يريد الخوض في ذلك فسكت..

وصل الجميع الضفة الأخرى وانطلقوا في المسير دون توقّف، خلال نصف يوم وصلوا إلى حدود مملكة المشوّهين حيث المناظر المفزعة لضواحيها، والغربان تغطي كل شيء، كانت المدينة مظلمة يبدو أن موقعها بين الجبال يحجب الشموس عنها، لا نهار لها ... قرر العقرب بداية الهجوم في ذروة الحركة في الليل بعد التنكر مع جماعته بملابس المشوهين انتقلوا في الشوارع كانت المناظر فضيعة جدا إلى أن وصلوا إلى القصر المظلم...

(للتفاعل وإضافة مسارات نصية للقصة اضغط هنا وأرسل الرمز التالي مع الرسالة 22)

 دخلوا بسرعة عبر بوابة التموين فهي الطريق الذي أخبره به السلحفاة كان آمنا بلا حراسة... لكنه كان فخا من الشرير وزوجته لتنطلق معركة القصر المظلم..

معركة القصر المظلم..